ألقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كلمة لبنان في القمة العربية الإسلامية قال فيها:
“خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.
صاحب السمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن العزيز آل سعود
أصحاب الجلالة والسمو والسيادة والفخامة
أصحاب السعادة الأمينان العامان لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
رئيس الوفد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أود أن أشكر المملكة العربية السعودية على دعوتها لهذه القمة التي ستتناول العدوان الإسرائيلي المستمر على فلسطين ولبنان وخطورة تأثير هذا العدوان على أمن واستقرار المنطقة في التنفيذ. بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وبدعم وجهود ولي العهد صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان.
أتوجه إليكم اليوم من هذه المنصة باسم لبنان للتعبير عن هول الكارثة التي نعيشها هذه الأيام. لن أحدثكم عن لبنان حضارته وعلومه وجامعاته ومستشفياته وصحافته الرائدة، ولن أحدثكم عن الكوارث والمصاعب التي عاشها على مدى نصف قرن وما يعنيه للعروبة والفلسطيني. القضية، وما فعلته حروب الآخرين ببلاده. سأقتصر كلامي على لبنان الذي لم تتمكنوا بعد من رؤيته كما تراه عيون اللبنانيين، مشاهد يتغير صوتها من ثانية إلى ثانية، هجوم تلو الآخر، جريمة ضد الإنسانية تلو الأخرى، من أكثر الجرائم وحشية. أبشع الوسائل وأبشع الجرائم.
أصحاب الجلالة والسمو والسيادة والفخامة
أصحاب الجلالة والسمو والسيادة والفخامة
يعيش لبنان أزمة تاريخية غير مسبوقة ومصيرية تهدد حاضره ومستقبله. فهو يعاني من عدوان إسرائيلي سافر ينتهك أبسط قواعد القانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف الرامية إلى حماية المدنيين في النزاعات المسلحة.
ويأتي هذا الهجوم مصحوبا بسلسلة من التحديات الهيكلية والأزمات المتراكمة والمشاكل الشائكة.
وبطبيعة الحال، لا يمكن لإسرائيل ولا يمكنها أن تستمر في عدوانها المستمر على لبنان وشعبه، منتهكة سيادته وتعرض وجوده للخطر دون محاسبة أو رقابة. هذا الوطن – الرسالة التي يراها الإخوة والأصدقاء ضرورة للأمن والسلام والأمان والاستقرار والازدهار في المنطقة.
وهو لبنان الذي يتفق على وجوده كل اللبنانيين، بحسب مقدمة الدستور الناتج عن اتفاق الطائف الذي رعته المملكة العربية السعودية. إنه لبنان السيد الحر المستقل، والوطن الأخير لجميع أبنائه. لبنان العربي، الهوية والانتماء، ملتزم بميثاقي الجامعة العربية والأمم المتحدة وأحد مؤسسيهما، ميثاق حقوق الإنسان والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
صاحب السمو
أصحاب السعادة والسيادة
لقد تسبب العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان في خسائر إنسانية فادحة. ويبلغ عدد الضحايا حتى الآن أكثر من ثلاثة آلاف شهيد، وأكثر من ثلاثة عشر ألف جريح.
وأدى هذا التصعيد إلى اضطرار نحو مليون ومائتي ألف لبناني إلى الفرار خلال ساعات قليلة، مما ألقى عبئا جديدا على أكتافنا وأوضاعنا الداخلية متوترة بسبب الأزمات المتتالية.
ويزيد الأثر الاقتصادي لهذا التصعيد العسكري من حجم المأساة، حيث تقدر الأضرار والخسائر المادية حتى الآن، بحسب آخر تقديرات البنك الدولي، بثمانية مليارات و500 مليون دولار، منها ثلاثة مليارات وأربعمائة مليون دولار. وتشمل الدولارات تدمير مائة ألف منزل كلياً أو جزئياً، فيما بلغت الخسائر الاقتصادية خمسة مليارات ومائة مليون دولار، شملت قطاعات التعليم والصحة والزراعة والبيئة وغيرها.
لا يمكن لأي دولة أن تتحمل عبء هذا الدمار الهائل بمفردها، ناهيك عن لبنان الذي يواجه منذ خمس سنوات أزمة اقتصادية ومالية متفاقمة وغير مسبوقة.
باسم كل اللبنانيين، أغتنم هذه الفرصة لأوجه كلمة شكر وامتنان لجميع الدول التي دعمت وما زالت تدعم لبنان، وأشيد بالروابط التي تربطكم دائما بلبنان وتجذبنا إليكم دائما.
ما يربطنا لا يمكن فصله تحت أي ظرف من الظروف. ومن هنا، أدعوكم بصدق إلى دعم الدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية والسيادية والنقدية، ومواصلة إرسال المساعدات الإنسانية والغذائية والصحية العاجلة بكل امتنان.
كما أدعو دول المنطقة والعالم إلى احترام خصوصية لبنان ودعمه كنموذج تعددي يحتذى به في كل المجتمعات التعددية. كما أدعو الناس إلى عدم التدخل في شؤونه الداخلية من خلال دعم هذه الفئة أو تلك، بل نحن ندعم لبنان الدولة والكيان.
وفي انتظار توافر الظروف المناسبة لعودة النازحين إلى ديارهم، أعد لبنان برنامج دعم دقيق وشفاف لاستضافة النازحين خارج منازلهم، وتأمين الظروف الإنسانية لإقامتهم المؤقتة، وإخلاء المدارس لإعادة تأهيلهم، ضمان تسجيل الأطفال النازحين في المدارس المناسبة، وتقديم المساعدات الغذائية والصحية، والتحضير لعودة السكان إلى قراهم بمجرد الوصول إلى مرحلة وقف إطلاق النار من خلال إعداد برنامج العودة.
ونحن بصدد إنشاء صندوق تمويل يتم تمويله من مساهمات الدول الشقيقة والصديقة، تحت إشراف إدارة تابعة للأمم المتحدة، على أن تخضع نفقات إعادة الإعمار لرقابة دولية موثوقة.
ويبقى الأساس هو الوقف الفوري للعدوان المستمر على لبنان وإعلان وقف إطلاق النار وإرساء أسس الاستقرار المستدام، مع إعادة التأكيد على التزام الحكومة اللبنانية الثابت والراسخ بالقرار الدولي رقم 1701 بجميع جوانبه وزيادة انتشار الجيش. في الجنوب، بالتعاون الوثيق مع قوات حفظ السلام الدولية وبسط سلطة الدولة على جميع الحدود المعترف بها دوليا.
واليوم نجدد دعوتنا لأصدقائنا من الدول العربية والإسلامية وللمجتمع الدولي برمته للانضمام إلينا في الضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار والبدء في تنفيذ هذا القرار باعتباره مدخلا إلى الاستقرار الدائم.
أبها أيها السادة
إن التحدي الإقليمي الأكبر هو القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني الذي يعاني تحت الاحتلال ويكافح من أجل الحصول على أبسط حقوقه الإنسانية. وأجدد الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة والعمل على تحقيق السلام العادل والشامل والدائم على أساس حل الدولتين.
وهنا أثمن عاليا الاقتراح الذي سبق أن قدمه صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان والذي يقضي بمنح الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة كوسيلة فعالة لتحقيق الاستقرار المنشود في المنطقة.
ختاماً
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الإخوة من وطن يتعرض لنيران العدوان ويخلو من السلام والرحمة والبركات.