تتواصل الهجمات الإسرائيلية على الجيش اللبناني في منطقة الحدود الجنوبية، مع مؤشرات محلية ودولية تؤكد ضرورة تعزيز تواجده جنوب نهر الليطاني تنفيذاً للقرار 1701.

المفارقة هي أنه بينما يطالب المجتمع الدولي وجزء من القوى الداخلية بضرورة تمركز الجيش وحده على الحدود ويعتقدون أنه الأقدر على حماية لبنان، إلا أن الهجمات ضدهم تخدم اختبار هذا الخيار بالذخيرة الحية. ووضعها أمام التحدي الصعب المتمثل في إثبات جدواها وفعاليتها في مواجهة العدوان الإسرائيلي. وبهذا المعنى فإن المتحمسين في الأوساط الدولية لتطبيق القرار 1701 وتفعيل دور الجيش جنوب الليطاني عليهم أن يترجموا «عواطفهم» إلى تسليحهم وتعزيز قدراتهم حتى يكونوا على الأقل قادر على الدفاع ضد أي اعتداء إسرائيلي، ناهيك عن حماية لبنان، وهو خطأ عرضي، بل خطأ مقصود ومتعمد ومخطط يخفي أهداف العدو الإسرائيلي الخفية، وهو الواقع على الحدود الشمالية لكيانه الذي يريده. يتغير. ولم يعد سرا أن القيادة الإسرائيلية تحاول إنشاء منطقة عازلة بعمق حوالي 5 كيلومترات في الجنوب لطمأنة المستوطنين في الشمال أن … حزب الله لن يتمكن بعد الآن من السيطرة على الجليل وفي المستقبل تكرار سيناريو 7 أكتوبر الذي أصبح عقدة نفسية لدى الإسرائيليين، أصبح من الواضح أن العدو الذي يستخدم أسلحة التدمير والطرد بشكل منهجي، لا يبقى إلا محترقاً ومن قبل عناصر «الحزب». يرغب في الحصول على أرض خالية من السكان وقوات «اليونيفيل» والجيش، مفترضاً أن فرض واقع جديد من هذا النوع سيسمح له بالتفاوض «في اليوم التالي» من موقع قوة ولتحسين الشروط. من أي اتفاق نهائي يتم التوصل إليه لإنهاء الحرب، يحاول الجانب الإسرائيلي الالتفاف على مفاعيل القرار 1701 بقوة الأمر الواقع، وبالتالي توفير معطيات ميدانية جديدة من شأنها إحداث تغيير، وإن لم يكن على مستوى تطلعاته. الخاص به، سيسمح من حيث المضمون، على الأقل على مستوى آلياته التطبيقية، بإدراج “الشياطين” في تفاصيلها من أجل منح العدو مزايا وامتيازات لم تكن في الاعتبار في القرار الأصلي. إلى “الجيوسياسية” على حدود الكيان لإعادة تشكيله، يسير العدو في اتجاه “إحراج” الجيش و”إخراج” اليونيفيل من الجنوب، حيث كان بنيامين نتنياهو قد طلب تحديداً من الأمين العام للأمم المتحدة أن سحبهم. إما حتى يتضح المجال له ولمشروعه، أو الدفع باتجاه تغيير صلاحيات ودور القوى الدولية لتقريبها من القوات المتعددة الجنسيات. وبالطبع، لا الدولة ولا المقاومة مستعدتان للخضوع للرؤية الإسرائيلية لوقف إطلاق النار، خاصة أن الميدان لم يكشف بعد عن كل أسراره ولم يقول كلمته الأخيرة بعد، وهو أن «حزب الله» لا يزال رقماً. من حروفها. ويبدو أن الجانب الإسرائيلي يريد الاستفادة من زخم النجاحات التي حققها خلال فترة الاغتيالات والأضرار الصادمة لفرض شروط الفائز على الجانب اللبناني، متجاهلاً أن «الحزب» قادر، على استعادة صفوفه واستعادة مكانته. قدراتها واحتواء أوجه القصور في توازن القوى الجديد، كما يتضح من الفعالية المتزايدة لقواتها الصاروخية والجوية في الأسابيع الأخيرة وصمودها في مواجهة الهجوم البري على الحافة الأمامية، والذي تعرض لقصف مكثف. منذ 8 أكتوبر وتصنف على أنها فشل عسكري. لكن جيش العدو لم يتمكن حتى الآن من احتلالها، علماً أنه حتى لو تمكن من السيطرة عليها لاحقاً، فإن السؤال هو إلى متى يستطيع البقاء هناك وإلى أي مدى يمكنه تحمل تكاليف عمليات المقاومة ضده؟