ألقى رئيس مجلس الوزراء بالوكالة نجيب ميقاتي كلمة لبنان في «مؤتمر لبنان الدولي» في باريس، قال فيها: «أبدأ باللغة الفرنسية لأنها لغة القلب وقلب فرنسا الذي نشعر به هنا». ينبض بتناغم مع قلب لبنان. في هذه الأوقات الصعبة، واجبنا الأول هو وضع القيم الإنسانية للأخوة والعدالة والقانون في قلب عملنا. أولا، أود أن أشكركم، سيدي الرئيس، على تنظيم هذا المؤتمر على كل المبادرات التي قمت بها شخصيًا لدعم بلدنا ونحن ممتنون جدًا لك.

وأضاف: “على مدى آلاف السنين، واجه لبنان العديد من العواصف، وكاد أن ينهار، لكنه في النهاية واصل طريقه بكل إصرار وشجاعة. إلا أن العاصفة التي نعيشها حاليا لا تشبه أي عاصفة أخرى.” ثانيا، لأنها تحمل في طياتها بذور الدمار الشامل، ليس لبلدنا فحسب، بل لجميع القيم الإنسانية، ولهذا السبب نحن ممتنون لفرنسا، التي لقد وقف إلى جانبنا دائمًا ولم يضعف دعمه أبدًا. وهذا المؤتمر هو شهادة على الصداقة والتضامن الذي يميز العلاقات بين بلدينا.

وتابع: “آتي إليكم اليوم بقلب مثقل لتسليط الضوء على العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، والذي أدى إلى تهجير أكثر من 1.2 مليون مواطن لبناني، بينهم 500 ألف طفل من منازلهم ومدارسهم”. لا يمكن المبالغة في تقدير الحرب على بلدنا لأنها خلفت في أعقابها دماراً وبؤساً. فالعدوان الإسرائيلي لم يتسبب في معاناة إنسانية وخسائر هائلة في الأرواح فحسب، بل ألحق أيضا أضرارا جسيمة ببنيتنا التحتية واقتصادنا ونسيجنا الاجتماعي. لقد أدى نزوح الكثير من مواطنينا إلى خلق أزمة إنسانية ذات أبعاد غير مسبوقة تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة من المجتمع الدولي.

وقال: “إن الهجمات العشوائية على العاملين في المجال الصحي وفرق الإنقاذ، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 150 شخصاً وتعطيل أكثر من 13 مستشفى وأكثر من 100 مركز صحي، تشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الإنساني الدولي”. اتفاقيات جنيف “يجب على الأمم المتحدة، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية، والمجتمع الدولي التحرك بشكل عاجل لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم وضمان حماية المدنيين والبنية التحتية الحيوية للاعتراف بخطورة هذه التحديات للتخفيف من ذلك، ويجب أن يتجاوز الدعم الدولي المساعدات الإنسانية الفورية وأن يركز على جهود الإنعاش الشاملة المتوسطة والطويلة الأجل. وينبغي أن يهدف هذا النهج إلى إعادة بناء البنية التحتية الحيوية واستعادة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي ودعم التنمية المستدامة وضمان صمود لبنان في مواجهة التحديات المستمرة.

وأضاف: “ما نتوقعه من المجتمع الدولي هو:

التضامن ووقف إطلاق النار: يدعو لبنان المجتمع الدولي إلى التعاون ودعم الجهود الرامية إلى إنهاء الهجمات المستمرة وفرض وقف فوري لإطلاق النار.

المساعدة الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ: أدت الحرب إلى زعزعة استقرار الأوضاع المعيشية وزيادة الحاجة إلى المساعدات الإنسانية. هناك حاجة إلى مساعدة مالية دولية لتوفير الخدمات الأساسية مثل الغذاء والرعاية الصحية والمأوى والتعليم.

– الحاجة إلى إعطاء الأولوية لاستقرار المؤسسات الرئيسية: تشمل الأولويات المحددة دعم السلطات المحلية لإدارة التدفق الكبير للنازحين بشكل فعال وضمان حصولهم على الخدمات الأساسية مثل النفايات والطاقة والمياه.

الإنعاش المبكر والبنية التحتية: أدت الهجمات الإسرائيلية الحالية إلى المزيد من تدمير الطرق والمدارس والمستشفيات والمعالم الثقافية وغيرها من البنى التحتية المهمة. هناك حاجة إلى تمويل دولي لمشاريع إعادة الإعمار واسعة النطاق، بما في ذلك إعادة بناء قطاع النقل وشبكات الكهرباء وإمدادات المياه وإزالة الأنقاض لإعادة الإعمار والبنية التحتية للاتصالات.

وتابع: “كان من الممكن تجنب خسارة المدنيين اللبنانيين والدمار لو وافقت إسرائيل على دعم بيان 25 سبتمبر المشترك الصادر عن الولايات المتحدة وفرنسا. وفي هذا السياق، أيدتها الحكومة اللبنانية وواصلت “نحن نؤيد هذه المبادرة وندعو اليوم إلى وقف فوري لإطلاق النار وستفتح الباب أمام مسار دبلوماسي ستدعمه الحكومة بالكامل”. ويهدف هذا المسار إلى معالجة المخاوف الأمنية على طول الحدود مع جنوب أفريقيا وكذلك الصراعات على طول الخط الأزرق من خلال التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701. “

وقال: “إن قرار مجلس الأمن الدولي 1701، بصيغته الحالية، يبقى حجر الزاوية في الاستقرار والأمن في جنوب لبنان، والتنفيذ الكامل والفوري لهذا القرار من قبل لبنان وإسرائيل من شأنه أن يحفظ ويعزز سيادة ووحدة أراضي لبنان”. لبنان “يوفر الأمن” على حدودنا الجنوبية مما قد يسمح للنازحين بالعودة إلى مناطقهم إن التزام الحكومة اللبنانية بالبدء في تجنيد جنود لبنانيين إضافيين وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 يظهر التزاماً واضحاً بتنفيذ هذا القرار، ويمثل قرار تجنيد المزيد من الجنود خطوة مهمة في تعزيز قدرة الجيش اللبناني على الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة. ومع ذلك، فإن التنفيذ الناجح لهذا الالتزام يتطلب دعم ومساعدة المجتمع الدولي، بما في ذلك الدعم المالي والتدريب والمساعدة التقنية، لضمان تنفيذ عملية التوظيف بفعالية وكفاءة. لقد أبدت الحكومة اللبنانية دائما دعمها القوي لقوات اليونيفيل ومهامها، معترفة بدورها الحاسم في الحفاظ على الاستقرار على طول الحدود الجنوبية. وتدين الحكومة اللبنانية الهجمات الإسرائيلية على اليونيفيل، وتؤكد أهمية الدعم الدولي لولاية اليونيفيل ويدعو المجتمع الدولي إلى المساهمة في هذا الجهد المهم. كما تكرر الحكومة اللبنانية التزامها بالعمل بشكل وثيق مع اليونيفيل لضمان أمن واستقرار المنطقة.

وأضاف: “معادلة الاستقرار ستتحقق من خلال وقف فوري لإطلاق النار والتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701 ونشر 8000 عنصر من الجيش جنوب نهر الليطاني”. كما سيتم تحقيقه من خلال استئناف الجهود الدبلوماسية لإدارة النزاعات. إن اتفاق الحدود البحرية هو شهادة على التزام لبنان بالمفاوضات السلمية وحل النزاعات. واستعداد لبنان في الفترة المقبلة وبعد تحقيق وقف إطلاق النار للعمل بشكل بناء مع وسطاء نزيهين. إن الحكومة اللبنانية مستعدة لإعادة المشاركة والقيام بدورها لمنع المزيد من التصعيد مع ضمان أمن مواطنيها وسيادة لبنان وسلامة أراضيه.

وختم: “إن حجر الزاوية في الاستقرار الداخلي في لبنان يبقى انتخاب رئيس يلتزم بالدستور وينفذ الميثاق الوطني واتفاق الطائف ويدعم الحكومة الجديدة في تنفيذ الإصلاحات الجوهرية”.

تحتاج الدولة اللبنانية إلى إعادة هيكلة جذرية لاقتصادها ومؤسساتها، فضلاً عن تعزيز القوات المسلحة اللبنانية. ويجب أن تركز عملية إعادة الإعمار هذه على بناء الدولة وتعزيز المواطنة ومنع الصراعات والإصلاحات والمصلحة الوطنية للبنان. ومن خلال التعلم من إخفاقات الماضي مثل الحروب والانهيارات المالية، يتعين علينا أن نتجنب الفرص الضائعة والمعاناة الإنسانية. ولا بد من اتباع مسار جديد وثابت ومستدام يركز على الشعب اللبناني. وعلينا أن نخطط معًا من أجل التعافي الوطني والمصالحة والتقدم لتأمين مستقبل أفضل للبنان. السيد الرئيس، ما يحتاجه لبنان اليوم وغداً هو وقف فوري لإطلاق النار! ونحن نعول عليكم وعلى أصدقاء لبنان الحاضرين هنا لممارسة الضغط اللازم لتحقيق وقف إطلاق النار! شكرا لاهتمامكم ودعمكم.”